التفسير
٣١ - ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾:
بعد أن جادلهم في ادعاءاتهم وفنَّد مزاعمهم، أعلن لهم أنه حين يبلغهم رسالة ربه لا يدعى أنه يملك ما عند الله من خير ورزق وفير، حتى يستدلوا بعدمه عنده على كذبه بقولهم له ولمن آمن معه: ﴿وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾. فإن النبوة لا تنال بالأسباب الدنيوية، ودعواها بمعزل عن ادعاء المال والجاه، ولا تفتقر إليهما.
﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾:
أَي لا أقول لكم حين أُنذركم بقولى: ﴿إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾. ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾: لا أقول لكم إني أعلم الغيب، حتى تسارعوا إِلى الإنكار والاستبعاد.
﴿وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾: أي لا أزعم أنى ملك حين دعوتكم إلى دين الله، حتى تردوا دعوتى بقولكم: ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾ على حين أن البشرية لا تمنع من النبوة، بل هي من مقتضياتها.
﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾:
أَي ولا أَقول في شأْن المؤمنين الفقراء الذين تحتقرهم أَعينكم، لا أقول في حقهم ما قلتموه أنتم من أنه تعالى لن يؤتيهم خيرا لرثاثة حالهم، فإن الله لا ينظر إلى الصور والثياب، ولكن ينظر إِلى القلوب، فعسى الله أَن يمنحهم الخير في الدنيا والآخرة.
﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾:
أَي أَن الله تعالى أعلم بما انطوت عليه نفوسهم، فكيف أحكم عليهم بأنهم لن ينالوا من الله خيرا، إني لو قلت هذا لكنت من الظالمين لهم بنقص مرتبتهم وغمط حقوقهم، أو لكنت من الظالمين لأنفسهم بالحكم في شيء غير لا سبيل لى إلى معرفته فإن أسرار القلوب بين يدى علام الغيوب.