والمعنى: بل أَيقول قوم نوح بعد عجزهم عن الردَّ عليه - إنه اختلق هذا الدَّين الذي يزعم أَنه من عند الله.
﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾:
أَي قل لهم يا نوح إن كنت قد اختلفت ما أَبلغتكم إيَّاه من رسالة الله، فعلىَّ إثم إجرامى بالافتراء على الله، وما يترتب عليه من عقاب يستحقه كل من افترى عليه الكذب، فكيف أَفترى على الله الكذب وأَنا المسئول عنه دون غيرى، وبما أَننى صادق فأَنا برىءٌ من إجرامكم وكفركم.
وهذا شبيه بقوله - تعالى - للرسول - ﷺ -: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (١). وهنا يتجلى الإِنصاف الكامل.
﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧)﴾.
المفردات:
﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾: لا تحزن ولا تتأَلم.
﴿الْفُلْكَ﴾: السفينة الواحدة والجمع.
﴿بِأَعْيُنِنَا﴾: تحت رعايتنا وتوجيهنا.
التفسير
نصح نوح - عليه السلام - قومه بكل الوسائل ودعاهم إلى الإيمان بمختلف الأَساليب العقلية في رفق ولين، ولكنهم أَصرُّوا على عنادهم وركبوا رءُوسهم، ورموه بالكذب