أَيضا على أمم سوف تنشأ ممن معك، وتتشعب منهم وعلى سنتهم من الإيمان إلى يوم القيامة، وهذه البشارة إعلام بقبول توبة نوح ونجاته من الخسران بفيضان الخيرات عليه في كل ما يأتى ويذر، وعلى أُمم مؤمنة تنشأْ ممن ركبوا السفينة معه من المؤمنين.
﴿وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾:
وأمم من ذريتهم ليسوا على سنتهم من الإيمان والعمل الصالح، سنمتعهم في الدنيا فيستنفدون فيها طيباتهم، ثم يصيبهم في الآخرة أَو فيهما معا عذاب شديد الإيلام فأَنت ترى أَن السلام الذي هبط به نوح ومن آمن معه، دخل فيه كل مؤمن ومؤمنة من ذرياتهم إلى يوم القيامة، وأَن المتاع العاجل والعذاب الآجل دخل فيه كل كافر وكافرة من ذرياتهم إِلى يوم القيامة. وعن ابن زيد: هبطوا والله عنهم راض، ثم أَخرج منهم نسلا، منهم مَن رحم ومنهم من عذب.
﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)﴾
التفسير
٤٩ - ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ... ﴾ الآية.
بعد أن بيَّن الله قصة نوح وقومه مفصَّلة بدقائقها، جاءت هذه الآية تشير إلى أنَّ إخبار القرآن عن هذا الغيب البعيد يعتبر من آيات نبوة محمد - ﷺ -.
والمعنى: تلك القصة العجيبة التي فصل فيها ما حدث بين نوح وقومه، وما انتهى إِليه أَمرهم من الهلاك بالطوفان، هي من أَنباء الغيب نوحيها إِليك لتكون برهانا على نبوتك، وذلك لأنك:
﴿مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا﴾:
فإذا كان قومُك يجهلونها وقد عشتَ بينهم ولم تخالط غيرهم، فإن الذي أخبرك بها. مطابقة لواقعها هو الله الذي أَرسلك، وجعلها وأمثالها آياتٍ تشهد برسالتك، وإن