٥١ - ﴿يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي﴾:
خاطب هود قومه بأَن دعوته خالية عن المطامع الدنيوية، لبيان إِخلاصه في النصيحة ودفع الريبة عن دعوته، وكذلك فعل كل رسول مع قومه إبعادا للتهمة عنه، وطلبا لنجاح دعوته، فإِن الدعوات المشوبة بالمطامع لا نجاح لها.
والمعنى: يا قومى وأَهلى، أنا لا أَطلب منكم أَجرًا، ولا أَبتغى بدعوتى جزاءً دنيويا من مال أَو جاه، فما أجرى في إِرشادكم وهدايتكم على أَحد إلا على الله تعالى، فلا وجه لمخالفتكم وإمعانكم في الإِعراض عما جئتكم به من الله، مع وضوح الآيات والتجرد عن المطامع الدنيوية، ثم دعاهم إلى استعمال عقولهم، وعاب عليهم إِغفالها فقال: ﴿أفَلاَ تَعْقِلوُنَ﴾: أَي اتغفلون فلا تستعملون عقولكم، لتعرفوا الحق من الباطل والصواب من الخطأ.
٥٢ - ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾:
ويا قوم اطلبوا المغفرة من ربكم لما قدمتموه من الشرك والمعاصي بالإِيمان والطاعة، ثم توسلوا إليه بعد الإيمان بالتوبة والندم على ما فاتكم من طاعة الله، وبالعزم علي عدم العودة إلى طريق الشيطان الرجيم.
﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾:
أَي إن تستغفروا الله وتتوبوا اليه من شرككم وجبروتكم، يرسل السحاب عليكم كثير الدَّر غزير المطر، ويعطكم قوة مضافة إلى قوتكم، بتوفير الأَسباب المؤدية إِلى ذلك من الزرع والضرع والصناعة، والحصون والبروج وغير ذلك، وإنما رغبهم بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زرع وضرع ومصانع وحصون وقصور، وكانوا ذوى جبروت وقوة، كما قال تعالى: ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ (١).
فرُغِّبوا في الإيمان بتوفير ما يحبون لهم، وسوف يعلمهم الإيمان وشريعة الرحمن كيف ينتفعون وينفعون بتلك النعم، وكيف يوجهون قوتهم وجبروتهم فلا تكون إلا