ومعنى هذه الآية ما يلي: نحن نروي لك يا محمد أحسن القصص الواقعى النافع في شتى نواحي الحياة، وإِن كنت من قبل إِيحائه إليك، لمن الغافلين عن هذه القصة، فم تخطر لك ببال، ولم يسبق لك بها علم.
قال القرطبي في بيان كون سورة يوسف أحسن القصص: مسألة اختلف العلماء لم سميت هذه السورة أَحسن القصص من بين سائر الأقاصيص، فقيل لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم ما تتضمن هذه القصة، وبيانه قوله في آخرها: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾. وقيل سماها أَحسن القصص بحسن مجاوزة يوسف عن إخوته وصبره على أذاهم، وعفوه - بعد التقائهم - عن ذكر ما تعاطوه، وكرمه في العفو عنهم حتى قال: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾. وقيل لأَن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والملائكة والشياطين، والجن والإِنس، والأنعام والطير، وسير الملوك والممالك والتجار والعلماء والجهال، والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن. وفيها ذكر التوحيد والفقة والسير وتعبير الرؤيا، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجُمَل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا.
ثم ذكر عن بعض أَهل المعاني أنه قال: إنما كانت أحسن القصص، لأن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة، انظر إلى يوسف وأبيه وإخوته وامرأة العزيز - قيل - وللملك أَيضا، فقد أسلم وآمن بيوسف، وكذا مستعبر الرؤيا الساقى، والشاهد فيما يقال، فما كان أَمر الجميع إلا إلى خير. اهـ.


الصفحة التالية
Icon