وهي هنا بمعنى باع، أي وباعوه بثمن قليل ناقص عن القيمة التي تؤدي لأمثاله من الرقيق، وكان البائعون فيه من الزاهدين الذين لا يرغبون في بقائه معهم، وسبب ذلك أنهم التقطوه، والملتقط للشىء متهاون فيه لكونه لقطة، ولخوفه أَن يظهر له مستحق فينتزعه منه، فلهذا باعوه بالوكس لأول مساوم ليتخلصوا منه.
قال العلامة أبو السعود: ويجوز أن يكون معنى "شروه" الخ اشتروه من إخوته - على ما حكى - وهم غير راغبين في شرائه خشية ذهاب ما لهم لما طنّ (١) في آذانهم من الإباق، أي لما سمعوه من إِخوته من أنه عبدهم هرب منهم، فهم لهذا تساهلوا في ثمنه، ليتعجلوا التخلص منه قبل أن يهرب منهم، كما هرب عن بائعيه الذين زعموا أنه عبدهم وأنهم مالكوه.
﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢١)﴾
المفردات:
﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾: أكرمي موضع ثِوَائِهِ أي إقامته - من ثوى بالمكان - أي أقام به -.
﴿مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾: أي جعلنا له فيها مكانًا ثابتا.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾: أي غالب على الأمر الذي يشاؤه، فلا يستعصى عليه مراده، أو معناه غالب على أمر يوسف، فهو الذي يتولاه ويدبره ولا يكله إلى غيره.