المخادع لصاحبه عن الشىء الذي لا يريد أن يخرجه من يده: يحتال أن يغلبه عليه ويأخذه منه - الخ اهـ.
والمعنى: واحتالت امرأَة العزيز التي هو في بيتها حيث موضع التكريم والعناية، احتالت عليه وطالبته برفق وخديعة، أن يمكِّنها من نفسه فيخالطها مخالطة الرجل للمرأة، وغلَّقت الأبواب التي توصل إليهما وأحكمت إغلاقها، وقالت هيت لك (١) - أي أسرع (٢) والطلب موجه لك - فكأنها تقول إرادتي كائنة لك.
وقد وقعت هذه المراودة من نفس يوسف موقع الإِباء والرفض حيث قال لها: ﴿... مَعَاذَ اللَّهِ﴾:
أي أعوذ بالله تعالى معاذا مما تريدين مني فهو أَمر منكر هائل يستعاذ بالله للخلاص منه ومن سوء عاقبته، وعلل رفضه، لمطلبها بما عسى أَن يصرفها عنه، ويدعوها إلى مراجعة نفسها والإقلاع عن خيانتها لزوجها، مما سمعته منه من أنه لا يصح أن يخونه وقد أَحسن إليه وذلك قوله لها.
﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾: أي إن الأمر والشأن الخطير الذي يمنعني من إجابتك هو سيدي الذي رباني وأحسن تعهدى، حيث أمرك بإِكرامي فكيف أسىءُ إليه بخيانته في حرمه.
واختار أبو حيان إن الضمير لله تعالى، والمعنى على هذا إن الله تعالى خالقى أَحسن مثواي بعطف قلب من أمرك بإكرامي: فكيف أعصيه بارتكاب تلك الفاحشة الكبيرة ثم أيد يوسف امتناعه عن تلبية مطلبها وعلله بعلة أخرى فقال:
﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾: أَي إن الشأن في سنة الله في خلقه وعدالته هو أنه لا يفوز الظالمون في دنياهم وأخراهم، أما دنياهم فيعاقبون فيها بالعلل والأَسقام، والذل بعد العز، والفقر بعد الغنى، وغير ذلك من الآفات وأما أخراهم فالجحيم والزمهرير، ومن فاتته عقوبة الدنيا، أدركته عقوبة الآخرة ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ (٣).
(٢) وقيل إنه اسم فعل ماضى معناه تهيأت لك، وبهذا التأويل وافقت قراءة مروية عن ابن عباس (هئت لك) بكسر الهاء وبالهمزة الساكنة وضم التاء.
(٣) سورة إبراهيم الآية: ٤٢