استعاذ بالله ولجأ إِليه لكي ينقذه من هذا الإثم والظلم المبين، وأَنها قابلت هذا الامتناع الحازم من يوسف بمزيد من الهمة والإصرار وتحريضه على مخالفتها بمختلف الوسائل، من جذب ولوم وأسى وغير ذلك، وأنه لم يجد بدًّا من أن يهم بضربها لتكف عن غيها، ثم تراجع عما همّ به من إيذائها حين رأى في قرارة نفسه وبإلهام من ربه، رأى حجة الله وبرهانه على أن إِيذاءها وهو يمنعها عن نفسه، سوف تتخذه دليلا في أَنه هو الذي طلب مضاجعتها، فلما أبت عليه ضربها وآذاها، فلهذا كف عنها.
وجاءت هذه الآية لتبين أن كليهما قد أسرع إِلى الباب، فأما يوسف فقد أسرع إليه ليتخلص من شَرَك هذه المرأة الوالهة وشرها، وأما هي فقد أسرعت لتمنعه من الهرب وتحمله على الاستسلام إليها، ولما سبقها هو إِلى الباب جذبت قميصه من خلفه جذبة قوية ترتب عليها قطع القميص من خلفه، حيث كانت تجذبه منه وعندما وصل الأمر بينهما إلى هذه الحال وجدا سيد المرأَة - أي زوجها - عند الباب. الذي أراد يوسف الخروج منه - وكان قد فتح - حتى أصبحا وجها لوجه أَمام العزيز لدي الباب، ولم تصرح الآية بمن فتحه، فهل فتحه العزيز لما وصل إليه خبر هذه الاحتياطات التي اتخذتها امرأته لمراودة يوسف، أو فتحه حين وصلت إِليه أصوات المشادة التي حصلت بينهما، أو أَن يوسف هو الذي سبق إليه وفتحه، وصادف مجىء العزيز حينئذ، وهذا هو الظاهر، لأن المرأة كانت قد غلقت الأبواب من الداخل فلا تفتح إِلا من الداخل، والمراد من الباب هنا الباب الأخير الموصل إِلى الخارج، وهو الذي رأَيا سيد المرأة عنده، أما الأبواب الأخرى التي غلقتها فلابد من أَن يوسف كان قد فتحها مسرعا قبل أَن يصل إلى هذا الباب الأخير الذي أدركته عنده وشقت قميصه وهى تجذبه إليها حتى لا يفلت منها بعد أن وصل إليه، ولما وجدت نفسها أَمام زوجها في هذه الحالة النكراء، برَّأت نفسها ومكرت بيوسف بأخبث أَسلوب، وذلك ما حكاه الله تعالى بقوله:
﴿... قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾:
أي قالت امرأَة العزيز لزوجها حين رآهما على هذه الحالة: ما جزاءُ هذا الذي دخل علي مخدعي وأراد سوءا بزوجك التي هي أهلك وعرضك الذي يهمك أَمره، ما جزاؤه سوى