﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾: أَي في تعاقبهما وكون كل واحد منهما خِلفة للآخر، أَو في تخالفهما ظلمة وضياء وطولا وقصرًا وغير ذلك.
التفسير
٥ - ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾:
بعد أَن نبه الله عباده إِلى أنه سيعيدهم في النشأة الآخرة كما بدأَهم في النشأة الأُولى، ليجزيهم بما عملوا بالحق والعدل نبههم إِلى آيات قدرته وآثار رحمته، ومظاهر نعمته بجعل الشمس ضياءً والقمر نورًا ليشكروه ولا يكفروه، ويرجوه ويحذروه.
والمعنى: هو الذي جعل الشمس مصدر ضياءً ذاتى ساطع تنبعث منه الحرارة، فتنشأُ الكائنات الحية من نبات وحيوان، وتعيش وتنشط بما تبثه فيها من أَسباب الحياة والخفة والنشاط، وتسعى في سبيل رزقها مستضيئة بأَشعتها.
وجعل القمر ذا نور هادىءٍ يهتدى به السارون في البر، والماخرون في البحر بعد أَن غابت الشمس بضيائها تحت الأُفق، وأَرخى الليل سدوله على وجه الأَرض.
﴿وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾:
وقدر الله كل واحد من الشمس والقمر ذا منازل في مداره الفلكى ينتقل إِليها، لتعلموا بانتقال كل منهما إِليها عدد السنين التي تمر بكم وتصبطوا بها مصالحكم ومواقيتكم في مواثيقكم ومختلف شئونكم، ولتعلموا حساب الأوقات من الشهور والأيام، التي نيطت بها مصالحكم الدنيوية والأُخروية ونسبة الضياء إِلى الشمس والنور إِلى القمر؛ لأن ما كان بالذات يطلق عليه ضياء، وما كان بالعرض يطلق عليه نور، ولما كانت أشعة الشمس ذاتية أطلق عليها ضياء، ولما كانت أَشعة القمر منعكسة عليه من أشعة الشمس، أُطلق عليه نور وقيل النور أعم من الضوء، فالنور يشمل القوى والضعيف بخلاف الضوء فإنه خاص بالقوى فلذا يقال نور الشمس وضوؤها أما القمر فيضاف إليه النور دون الضوءِ، وقيل غير ذلك، وبانتقال الشمس في هذه البروج ذات المنازل توجد الفصول الأربعة في العام الشمسى وبانتقال القمر في هذه البروج ذات المنازل تكون أَوائل الشهور وأواخرها والله تعالى أَعلم.