تتمثل في صواعق حارقة، وبرق قوى يكاد عند انبعاثه يذهب بالأَبصار، ومطر غزير يشق على المسافر ويؤذيه، وقد ينفر منه المقيم ولا يبتغيه، كما يرينا البرق أَيضًا لإِطماع عباده في غيث نافع يغيث الزرع ويُدرُّ الضرع، وينشر الخصب والرخاءَ، قال الحسن: خوفا من صواعق البرق وطمعا في غيثه المزيل للقحط، وقال قتادة: خوفا للمسافر يخاف مشقته وأَذاه، وطمعا للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله.
(وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثَّقَالَ):
أَي السحب الممتلئة بالمطر. لذلك يعم نفعها ويعظم أَثرها، والثقال جمع ثقيلة لكثرة ما تحمل من ماء المطر.
١٣ - (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بحَمْدِهِ... ):
أَي أَن الرعد خاضع لله خضوعا تاما شأْنه شأْن جميع الكائنات فالتسبيح منه مجاز عن الخضوع، ويجوز أَن يكون تسبيحه تسبيحا مقاليا ولذا كان النبي ﷺ إِذا سمع صوت الرعد يقول: "سبحان من يسبح الرعد بحمده" (١). وإِسناد يسبح إِلى مضاف محذوف كما يقول بعض المفسرين والتقدير ويسبح ملك الرعد، مخالف لظاهر النص الذي ينطق بأَن الرعد هو الذي يسبح تسبيحا مجازيا أَو حقيقيا (٢) كما تقدِم.
وللملائكة كذلك تسبيح وتنزيه إِذ هم ملأ ُسماوي لا يعصون الله ما أَمرهم ويفعلون ما يؤْمرون ينبىءُ بذلك قوله تعالى:
(وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ): أَي وتسبح الملائكة من هيبته تعالى وإجلاله.
(وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ):
أَي أَن الله سبحانه وتعالى ينزل الصواعق (٣) فيصيب من يشاءُ هلاكه من عباده فيهلكه، وقد تكون مظهرًا من مظاهر قدرته وجبروته وهى في كلتا الحالتين آية من آيات الله تعالى.
(٢) وليس هذا مستحيلا على الله، فإِن عباده اخترعوا الحاسبات الألكترونية وغيرها وهو الذي أقدرهم على ذلك، وهو الذي سخر الجبال مع داوود يسبحن بالعشي والإشراق، وجعل الطير تؤوب وتسبح معه.
(٣) مرَّ بيان الصواعق في تفسير الآية ١٩ من سورة البقرة، فارجع إِليه.