﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)﴾
المفردات:
(جَنَّاتُ عَدْنٍ): العدن في اللغة؛ الإِقامة، ومنه عدن بالمكان أَي أَقام به، وفي عرف الشرع اسم لجنة من جنان الآخرة. والمراد هنا المعنى الأَول، أَي جنات إِقامة، فهم يقيمون فيها لا يبرحونها.
(سَلَامٌ عَلَيْكُمْ): أَمان لكم من المحن والآفات.
التفسير
٢٣ - (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ): لما بيَّن الله تعالى في الآية السابقة أَن الصابرين ابتغاءَ وجه ربهم المتصفين بما جاءَ فيها من الصفات الجليلة، لهم عاقبة حسنة بعد دار الدنيا، جاءَت هذه الآية لبيان أَن هذه العاقبة هي الجنة، وبيان من يدخلها معهم وما يقال لهم فيها.
والمعنى: والذين صبروا ابتغاءَ وجه ربهم واتصفوا بتلك الصفات الجليلة، لهم عاقبة الدار الدنيوية، وهذه العاقبة هي جنات إِقامة واستقرار يدخلونها، ويدخلها معهم الصالحون من أَبائهم وأَزواجهم وأَولادهم وإِن لم يبلغوا في الصلاح مبلغهم، إِكراما لهم وتعظيما لشأْنهم، وزيادة في أُنسهم، وهذا الفضل يشهد به ما جاءَ في قوله تعالى في سورة الطور: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وقد فهم من هذه الآية وتلك، أَن في دخول الجنة أَولا بالصلاح، وأَساس الصلاح الإِيمان ويكمله العمل الصالح، وأَما إِلحاقهم بأَقاربهم في منازلهم العالية فيكون بالانتساب إِليهم أُصولًا أُو فروعا أَو أَزواجا. ولا يحدث هذا الإِلحاق إِلا بعد استيفاء هؤلاءِ جزاءَ أَعمالهم، كما يصرح به قوله تعالى: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ