لإِنكار المنكرين، وزعم أَنها ضرب من الحكايات والأَساطير، يقولها أَرباب الديانات ولا أَساس لها من الصحة، ولو صحت لكانت سحرا، أَما القرآنُ فهو باق ما بقى الزمان، وإِعجازه عام للإِنْسِ والجان، وهو الذي أَيد معجزات الأَنبياءِ، وحماها من إِنكار المكذبين.
(قُلْ إْنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى إلَيْهِ مَنْ أنَابَ):
قل لهم أَيها الرسول: إِن الله تعالى يتخلى عن هداية من يشاءُ من أَهل الإِصرار على الكفر، فلا يوفقهم إِلى معرفة ما في القرآن من آيات وإِعجاز، ولا إِلى الإِيمان بِهِ وبِمَا أَظهر الله على يدي رسوله من سائر الآيات، ويهدى إِليه سبحانه من رجع عن العناد والمكابرة، وأَلقى السمع وهو شهيد، ثم بين حال من أَناب إِليه فقال:
٢٨ - (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ): المقصود من الذين آمنوا الذين اتَّجهُوا إِلى الإِيمان لحسن استعدادهم عندما سمعوا آيات الله، لرقة قلوبهم وصفاءِ نفوسهم، وانعدام مكابرتهم، فهؤلاءِ هم الذين يهديهم الله إِليه.
والمعنى: ويهدى الله إِليه من أَناب ورجع إِليه بعد الكفر حين سمعوا مناديا ينادى للإيمان أَن آمنوا بربكم فآمنوا، وهم الذين استعدت للإِيمان نفوسهم، واطمأَنت قلوبهم بذكر الله وآياته، أَلا بذكر الله وقرآنه تطمئن القلوب الصافية، وتسكن النفوس الحائرة، واستعمال الإِيمان في الآية بمعنى الاستعداد له والتأَهب للوصول إِليه يماثل استعمال المتقين في قوله تعالى: "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ". بمعنى هدى للصائرين إلى التقوى لحسن استعدادهم.
٢٩ - (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ):
جاءَت هذه الآية لتبشر الذين اهتدوا إِلى الله فآمنوا وعملوا الصالحات،.
والمعنى: الذين آمنوا بربهم ونبيهم وعملوا الأَعمال الصالحة بعد أَن هداهم الله إِليه لحسن استعدادهم وصفاءِ قلوبهم، هؤلاءِ لهم فرح وكرامة، وحسن مرجع في الدار الآخرة، فإِن مرجعهم إلى جنة الله ورضوانه.