(مِنْ أَطْرَافِهَا): الأطراف؛ الجوانب.
(لا َمُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ): أَي لا راد له. والمعقب هو الذي يكر على الشيءِ فيبطله. ويقال لصاحب الحق الذي يطالب به معقب، لأَنه يتتبع غريمه بالاقتضاءِ والطلب.
التفسير
٤٠ - (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ): أَي إِن أَريناك يا محمد مصارع أَعدائك المصرين على الكفر وما وعدناهم من إِنزال العذاب بهم، فذلك انتقام عاجل لك من أعدائك، وإِن توفيناك قبل حلول وعيدنا بهم، فلا تجزع لذلك، فما عليك إِلا تبليغ الدعوة وتبليغ الوعيد على الكفر بها، وعلينا وحدنا حسابهم وجزاؤهم على كفرهم ومعاصيهم، في الوقت الذي تقتضيه الحكمة فإِننا نعلم من المصالح الخفية ما لا تعلم، فدع الأَمر لنا وبلغ ما أَنزل إِليك من ربك، وفي التعبير بقوله: "نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ" إِشارة إِلى أَنه ﷺ سيرى بعض الموعود، ولهذا بشره الله عقب هذه الآية بظهور تباشير النصر بقوله:
٤١ - (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا): أَي أَينكر المشركون تنفيذ وعيدنا ونصرنا لرسولنا، ولم يروا أَننا ننقص أَرض الكفر من جوانبها ونواحيها، بفتحها على المسلمين شيئًا فشيئًا وإِلحاقها بأَرض الإِسلام، وقتل بعض من يقف في سبيل الدعوة أَو أسرهم أَو إِجلاءِ البعض الآخر، أَليس هذا بعض الذي نعدهم؟
(وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ): أَي والله يحكم في خلقه بما يشاءُ لا يتعقب حكمه أَحد ينقض ولا تغيير، وقد جرت سنته أَن الأَرض يستعمرها عباده الصالحون، بإِقامة موازين العدل فيها والسير على نهج الحق -وقد حكم للإِسلام وأَهله بالغلبة والإِقبال ما داموا في طاعة الله، يجاهدون في سبيله، واثقين من صدق وعده بالنصر لمن ينصرونه، وكما حكم للإِسلام وأَهله بالإِقبال والنصر لأَنهم أَهل الحق، حكم على الكفر وأَهله بالإِدبار والانتكاس، لما سلكوه من الظلم والفساد في الأَرض.


الصفحة التالية
Icon