(يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ): من خير أَو شر، فيثبت أولياءه، ويحميهم من شرور أَعدائهم، ويعاقب الماكرين بهم بما يستحقونه من عقاب، وفي هذا تهديد ووعيد للكافرين الماكرين أَكده بقوله.
(وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ): أَي وسيعلم الكفار إِذا قدموا على ربهم يوم القيامة لمن العاقبة المحمودة، لهذه الدار الدنيا، أَهى لهم؟ أَم للنبي صلي الله عليه وسلم، ومن تبعه من المؤمنين، ولا شك أنهم سيعلمون يومئذ أَن العاقبة الحميدة للمتقين، كما قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (١).
٤٣ - (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا): أَي ويقول المشركون من العرب، الجاحدون لنبوتك: يا محمد لَسْتَ برسَول من عند الله، وإِنما أَنت متقول على الله تعالى، يقولون له ذلك بعد أَن تحداهم أَن يأْتوا بسورة من مثل القرآن فعجزوا، ليعالجوا بهذا الإِنكار قصورهم وضعف حجتهم، فهم حينما ينكرون لا مستند لهم في إِنكارهم، بل قامت الأَدلة الواضحة على أَنه مرسل من عند ربه، فما أَكثر المعجزات التي أَيده الله بها
(قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ): أَي حسبى الله شاهدا لي بتأْييد رسالتى وصدقى أَنَّنى قد بلَّغت، وشاهدا عليكم أَيُّها المكذبون فيما تفترونه من البهتان.
(وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ): مِمَّن أَسلم من أَهل الكتابين التوراة والإِنجيل فإِنهم، كانوا يجدون البشارات عنه في كتبهم، وحاصل الجواب بذلك: لستم بأَهل للحكم في شأْنى، فاسأَلوا أَهله من أَهل الكتاب فإِنهم بجواركم، كما قال تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (٢).
والله أَعلم

(١) سورة القصص ٦٣
(٢) سورة الأنبياء ٧٧


الصفحة التالية
Icon