والمعنى: ولقد أَرسلنا من قبلك يا محمد رسلا في أُمم الأَولين، الذين يشايع بعضهم بعضا في كفره، ثم بيَّن الله سبحانه كيف تعاملت هذه الأُمم مع هؤلاءِ الرسل فقال:
١١ - (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ):
أَي وما يأْتى كل أُمة من رسول خاص بها إِلا كانو به يسخرون كما فعلت قريش معك يا محمد، فلا تبتئس أَيها الرسول بما فعله جُهَّال قومك معك، فإِن هذه عادة متأَصلة في الجاهلين مع سائر المرسلين.
١٢ - (كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ):
أَي كما أَدخل الله كتب المرسلين في قلوب اُممهم غير مقبولة لديهم، مدخل الذكر أَي القرآن -في قلوب المجرمين الآثمين من قومك فيكون فيها مقبول ومسخورًا منه، لفساد عقولهم وظلمة قلوبهم، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، ولو شاءَ الله لهداهم أَجمعين.
١٣ - (لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ):
أَي كذلك نسلك الذكر في قلوب المجرمين من قومك حال كونهم لا يؤمنون به، وقد مضت سنة الله في الأَولين من أُمم الأَنبياءِ قبلك على هذا النمط، فقد كانت كتب الله تدخل قلوبهم مصحوبة بالاستهزاءِ وعدم الإِيمان.
ويصح أَن تكون جملة: "وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ" مستأْنفة لغرض الوعيد والتهديد أَي وقد مضت طريقة الله في المكذبين الأَولين من الإِهلاك والاستئصال بسبب كفرهم وتكذيبهم لرسلهم، وأَهل مكة إِن استمروا على تكذيبهم، فسوف يحل بهم مثل ما حل ممن سبقهم جريا على سنة الله في المكذبين.


الصفحة التالية
Icon