يضاف إِليها الصورة والفاعل والغاية، والتحلى بالفضائل والتَّخلى عن الرذائل، وآدم قمَّةٌ في هذا كله، فقد خلقه الله في أَحسن تقويم، وخلقه من غير واسطة وبلا وسائل، كما يشير إِليه قوله تعالى: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ". كما أَن الغاية من خلق آدم وذريته الخلافة عن الله في الأَرض وأَنه كان في أَعلى مكارم الأَخلاق، فأَين مِنْ هذا كله خلقُه من نار.
٣٤ - (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ):
أَي قال الله لإبليس، بعد أَن أَعلن استعلاءِه وتكبره على آدم -قال الله لإِبليس- اخرج من زمرة الملائكة أَو من منزلة الكرامة التي كنت فيها أَو الجنة -اخرج منها- فإِنك مرجوم وطرود من كل خير وكرامة.
وقيل: المراد من كونه رجيما أَنه وجميع الشياطين سوف يُرجمُون بالشهب، فيكون في هذا المعنى إِشارة لطيفة إِلى أَن الَّلعين لما افتخر بالنار توعده الله بالتعذيب بها في الدنيا: كعابد النار يهواها وتحرقه.
٣٥ - (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ):
أَي وإِن عليك الإِبعاد من رحمة الله إِلى يوم الجزاء، فلا يوفقك في الدنيا للتوبة من شقوتك ولا يمدك فيها بقبس من هداية، ولا يعفو عنك في الآخرة، بل يجعل مقرك النار وبئس القرار.
وقيل إن المراد باللعنة هنا لعنة الخلائق له، بأَن يكون موضع سخطهم وطلبهم من الله إِلى يوم الجزاء أَن لا يرحمه، والمقصود منه يوم النفخة الأُولى التي يموت عندها الخلائق، فإِنه من يوم الدين، لأَنه مقدمة له، والتفسير الأَول أَوْلى.