٤٧ - (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ):
أَي وأَخرجنا ما في صدورهم من حقد وعداوة كانت بينهم في الدنيا، فدخلوا الجنة إِخوانا متحابين، على أَسرة متقابلين، ينظر بعضهم إِلى وجوه بعض في صفاءِ ومودة ولا يتدابرون، أَخرج ابن جربر وغيره عن أَبي أُمامة قال: يدخل أَهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناءِ والضغائن، حتى إِذا تدانوا وتقابلوا على السرر نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل: ويحتمل أَن يكون نزع الغل من صدورهم كناية عن نزع أَسبابه وأَنهم يعيشون في الجنة متحابين لأَنهم مغمورون بنعم الله وأَسباب الصفاءِ والمودة، فلا يجدون فيها ما يوجب البغضاءَ كما كانوا يجدون في الدنيا.
٤٨ - (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ):
أَي لا يصيبهم في الجنات أَي تعب، فإن أَرزاقهم ميسَّرة من غير كدٍّ ولا سعى (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا) (١). ويقوم بخدمتهم غلمان لهم كأَنهم لؤْلؤٌ مكنون، قال تعالى في سورة الإنسان: ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (١٩)﴾ (٢).. الآيات -وكما أنهم لا يمسهم في الجنة تعب، فهم ليسوا منها بمخرجين بل هم خالدون فيها أَبدًا، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وليجتهد المجتهدون -والله تعالى أَعلم.

(١) سورة الإِنسان الآية: ١٤
(٢) سورة الإنسان الآيات: ١٥ - ١٩


الصفحة التالية
Icon