٦٧ - (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ):
شروع في بيان ما صدر من القوم عند وقوفهم على مكان الأَضياف. والمراد بالمدينة مدينة قوم لوط -وتسمى سدوم- وبأَهلها أُولئك القوم المجرمون.
والمعنى: وجاء أَهل المدينة منزل لوط عليه السلام مستبشرين فرحين، وذلك أَن الرسل لما نزلوا على لوط ظهر أَمرهم في المدينة وقيل إِن امرأَته أَخبرتهم بذلك فجاءُوا إِلى داره طمعا في أُولئك الأَضياف الغرباءِ الحسان، فلما خشى منهم على أَضيافه ولم يكن يعلم أَنهم رسل الله:
٦٨ - (قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ):
أَي إِن هؤُلاءِ أَضيافى فحق عليّ أَن أَبذل الوسع في إِكرامهم، وحق عليكم أَن تعينونى في رعايتهم وحمايتهم، فإِن لم تفعلوا فلا أَقل من أَن تتركوهم ولا تتعرضوا لهم بسوءِ، حتى لا يفهموا أَنه ليس لى عندكم قدر ولا حرمة وتلك فضيحة لى، ومعرة علىَّ، أَو فلا تفضحونى بفضيحة ضيفى؛ فإِن من أُسيءَ إِلى ضيفه فقد أُسيء إِليه!
ثم أَكد طلب الكف عن الإِساءة إِليهم إِذا لم يكونوا أَهلا للإحسان فقال ما حكاه الله سبحانه عنه بقوله:
٦٩ - (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ):
أَي واتقوا الله في تعرضكم لما يسوءُنى، فلا ترتكبوا فاحشتكم في ضيفى فتوقعونى في الذل والخزى أَمام الأَضياف، فإِن ذلك أَجلب للعار والفضيحة عَلىّ!
غير أَن الخبث والانحراف عن الفضيلة كان متأَصلا فيهم، وكلمة العذاب حقت عليهم ومن أَجل ذلك:
٧٠ - (قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ):
أَي ألم نتقدم إِليك بعدم ضيافة الشبان وحمايتهم ولم ننهك عن العالمين، فلماذا خالفتنا وآويت هؤُلاءِ الشبان، وجعلتنا نحضر إِليك ونطلبهم منك، يعنون أَننا قد نهيناك فعلا عن ذلك. فكأَنهم -أَخزاهم الله- قالوا ما ذكرته من العار والفضيحة إِنما جاء من


الصفحة التالية
Icon