٨١ - ﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾:
أي وأعلمناهم بحججنا البالغة الدالة على صدق صالح عليه السلام فيما دعاهم إليه من عبادة الله وحده، والإيمان برسالته. وكانت الناقة إحدى آيات الله البينات: في شربها ودرِّها على خلاف غيرها من النياق؛ ولذلك أضافها صالح إلى الله تعالى حين قال لقومه: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (١). فكانوا عن هذه الآيات كلها معرضين، بل مكذبين معاندين.
٨٢ - ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾:
أى ومكنَّاهم فى الأرض وجعلناهم أُولي قوة ومنَعَة، وحضارة ومهارة، وحذْقٍ بفنون البناء والعمارة، حتى كانوا يتخذون من جبالها بيوتًا حصينة، حيث كانوا يقطعون حجارتها وينحتونها تسوية لها، ثم يبنون بها قصورهم ليعيشوا فيها آمنين عليها من الهدم، وعلى أنفسهم من العدوان والسوء؛ لقوة بنائها وبديع إحكامها؛ أو آمنين من العذاب لحسبانهم أن الحصون التي بنوها تحميهم منه -وكانوا يتخذون من سولها قصورًا عظيمة فى جنات وعيون... وقد ذكَّرهم بذلك نبيهم صالح عليه السلام فيما حكى الله عنه فى سورة الأعراف إذ قال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ (٢) وفي سورة الشعراء إذ قال. ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ﴾ (٣). لكنهم طغوا وبغوا وجحدوا بآيات الله ورسالاته: ﴿وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (٤).
وفي سورة هود: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ (٥).

(١) سورة الأعراف من الآية: ٧٣.
(٢) الآية ٧٤.
(٣) الآيات من ١٤٦ - ١٤٩.
(٤) الأعراف من الآية: ٧٧.
(٥) الآية: ٧٨.


الصفحة التالية
Icon