وقد ختم الله هذه الآية بنعمة كبرى تفوق كل نعمة حيث قال جل ثناؤه:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾: فبشرهم بنعمة الغفران والرحمة ليبذلوا ما في وسعهم لشكر نعمه ويحرصوا على طاعته قدر طاقتهم، ولا ييئسوا من رحمته إِذا ما قصروا في طاعته ما داموا مؤمنين بربهم مصدقين برسالة نبيهم تائبين من ذنوبهم.
ثم عقب الله هذه الآية بما يفيد التحذير من الغلو في العصيان طمعا في غفران الله، وبما يطمئن أهل التقوى على طاعتهم سِرِّها وجهرها فقال سبحانه:
١٩ - ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾: أي والله سبحانه يعلم حق العلم ما تخفيه السرائر وما تبديه الجوارح، فيثيب المحسن ويعاقب المسىء ويغفر للمستغفر، وصدق الله حيث يقول: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١).
﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)﴾
المفردات:
﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾: المراد بهم الأصنام وغيرها من المعبودات من دون الله.
التفسير
٢٠ - ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ... ﴾ الآية.
أَي وكل الذين يعبدهم المشركون من دون الله من إنسان وأصنام وغيرها عاجزة عن أن تخلق أي شيء وإن كان حقيرًا، فإنها مخلوقة وليست بخالقة عاجزة وليست بقادرة، فكيف يعبدونها من دون الخلاق العظيم.