عليه، فكان هؤلاء المشركون يسيئون في إِجابتهم لينفروهم منه، ويبعدهم عن الاستماع إليه، وذلك ما حكاه الله في هذه الآية.
والمعنى: وإِذا سئل هؤلاء المشركون المتكبرون عما أنزله الله من الوحي على محمد - ﷺ - زعموا أنه حكايات ملفقة سطرها القدماءُ، وزعم محمد أنها أُنزلت عليه من الله تعالى، وكما حكى الله هذه الفرية عن المشركين هنا، حكاها عنهم في قوله في سورة الفرقان: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾.
٢٥ - ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾:
أي أن هؤلاء المستكبرين قالوا لمن يسألهم عما أُنزل من الحق على محمد: هذا أساطير الأولين وأباطيلهم، لتكون عاقبتهم أن يحملوا آثامهم كلها، ومنها هذا الذي اقترفوه في التنفير في الحق، ويحملوا أيضًا بعض آثام من أضلوهم وأبعدوهم عن الإِسلام بما افتروه على القرآن الكريم، وهو إثم الإضلال، فهما شريكان في الإثم، هذا يضله، وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر.
والمراد من قوله تعالى: ﴿يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾: أنهم يضلونهم غير عالمين بأن ما يدعونهم إليه هو طريق الضلال، وفائدة التقييد بقوله: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ الإشعار بأن مكرهم لا يروج عند ذى لب وإنما يتبعهم الأغبياء والجهلة، والتنبيه على أن جهلهم ذلك لا يكون عذرا إن كان يجب عليهم أن يبحثوا ويميزوا بين المُحِقّ الجدير بالاتباع وبين المبطل، أخرج مسلم وغيره عن رسول الله - ﷺ - أنه قال "مَنْ سَنَّ سنةً حَسنة كَانَ لَهُ أجْرُهَا وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بهَا مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أجْره شَيء، وَمَنْ سَن سُنة سيئَةَ كاَن عليْهِ وِزرهَا وَوزِرُ مَن عَمِلَ بهَا -.. " الخ.
﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾: أي ألا بئس ما يحملونه من آثامهم وآثام من اتبعوهم في الكفر والضلال.


الصفحة التالية
Icon