هذا، وأن له تعالى الصفة العلية الشأن التي هي مثل في العلوّ والرفعة، وأن ما وصفوه به لا يليق به جل وعلا، فهو غير محتاج إلى الولد مطلقًا، لا لِيَرِثهُ ولا لِيُعِينه فهو الحي الذي لا يموت العزيز الحكيم، فليس بحاجة إلى ولد يعتز به، أو يدبر معه ملكوته، وأن أولئك المُتجنِّين على ربِّهم لهم صفة القبح وهي الحاجة إلى الولد ليقوم مقامهم عند موتهم فهم أهل الفناء، أَما الله تعالى فله صفة الحسن وهي كمال الاستغناء.
وجاءَت هذه الآية لتبين رحمة الله بالناس حيث لا يعاجلهم بالعقوبة الشاملة بسبب تماديهم في ظلمهم بل يؤَخرهم إلى أجل مسمى لعلهم يثوبون إِلى رشدهم. قبل أن يحين أجلهم.
والآية تحتمل معنيين. أحدهما: ولو يؤَاخذ الله الكفار، بكفرهم ومعاصيهم التي تحدثت الآيات السابقة بعضها، ما ترك على هذه الأرض من دابةٍ كافرة. حيث يهلكهم بشؤْم كفرهم ومعاصيهم، ولكنه لم يفعل رحمة بهم لعلهم يرجعون إلى رشدهم. ويكفون عن كفرهم ومعاصيهم.
وإِطلاق الدابة على الإِنسان لغوي. مأخوذ من دب على الأرض أي مشى عليها في هِينةٍ وتمهل، فالإنسان نفسٌ دابةٌ على الأَرض، قال الشاعر العربي:
زعمتنى شيخًا ولست بشيْخ | إِنما الشَّيخ من يدُبُّ دبِيبًا |