في الآيات الثلاث هو الله تبارك وتعالى؛ أو الكتاب الكريم، أو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد نزّه الله تبارك وتعالى ساحته، وحمى حماه، عن مفتريات هذه الفرق الضالة المضلة، فقال عز من قائل، مكذبا لهم تكذيبا قاطعًا:
٥ - ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ... ﴾ الآية.
أي ليس لهؤلاء الكفرَة الفجرَة، باتخاذه سبحانه وتعالى ولدا، شيء من علم ألبَتَّة؛ وليس لأبائِهم وأَسلِافهم الذين قلدوهم أثارة علم كذلك، بهذا الاتخاذ المزعوم!
أَوليس لهم علم بما قالوه: أَصواب هو أَم خطأ، بل إنما قالوه رميا عن جهالة من غير فكر ولا روية، كما في قوله تعالى: ﴿وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (١).
أوليس لهم علم، بفظاعة ما قالوا وقبح موقعه من الشناعة، كما في قوله سبحانه: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)﴾ (٢).
وهذا هو الأنسب بقوله جل من قائل:
﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً﴾: أي عظمت مقالتهم هذه مقالة في الكفر والافتراء، لما فيها من نسبته تبارك وتعالى إِلى ما لا يليق بجلال كبريائه.
وقوله جل من قائل:
﴿تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾: صفة لكلمة، تفيد استعظام اجترائهم على التفوه بها، فإن كثيرًا مما يوسوس به الشيطان، وتحدث به النفس، لا يمكن أَن يُتفوَّه به، بل إنه يُطرح ويصرف عنه الفكر، فكيف بهذا المنكر الذي لا مستند له إلا مجرد افتراء الكذب؟!
ولهذا قال وقوله الحق:
﴿إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾:
أَي ما يقولون إِلا قولًا هو الكذب بعينه، فلا يدخل تحت إمكان الصدق بتَّة.
(٢) سورة مريم، الآيات: ٨٨ - ٩٢