﴿وَاتْلُ﴾: يجوز أن يكون أمرا من التلاوة بمعنى القراءة، أو من التُّلُوّ بمعنى الاتباع.
والمعنى على الأول: وَدَاوِمْ أيها الرَسول على تلاوة ما أوحى إليك من القرآن بشأن أصحاب الكهف وغيرهم - أوْ دُم على قراءته - لأصحابك وغيرهم، ليهتدى به الراشدون، فقد اشتمل على بيان الغيب الذي لا سبيل لك إلى معرفته، وتضمن من الآيات والمعجزات ما لا سبيل للبشر إِلى الإتيان بمثله، واتضح من أسلوبه الإلهي نداء الحق الذي تستجيب له القلوب والأرواح، لا يستطيع أَحد أن يبدل كلمات الله تعالى التي أنزلها عليك وتولى حفظها بنفسه، ولم يستحفظها سواه، ولن تجد من دونه ملجأ تلوذ به عند الملمات، فاعتمد عليه في تبليغ رسالة ربك ومعونته إياك بالنصر والتأييد.
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)﴾
المفردات:
﴿بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾: الغداة أَول النهار والعشي آخره، وقد تطلق العشي على الوقت من غروب الشمس إلى العَتمةِ، والعتمة وقت صلاة العشاء، وتمتد لغة إلى ثلث الليل كما قال الخليل، والمراد من عبادتهم ربهم بالغداة والعشي أنهم يعبدونه دائمًا.