١٤ - ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا... ﴾ الآية.
أَي إِننى أنا الإله الواحد المعبود بالحق لا شريك لي، والفاء في قوله تعالى: ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ لترتيب المأمور به على ما قبلها، فإن اختصاص الألوهية به سبحانه من موجبات تخصيص العبادة به عز وجل، والمراد بالعبادة غاية التذلُّل والانقياد له في كل ما يكلف به وخصت الصلاة بالذكر، وأفردت بالأمر في قوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ مع اندراجها في الأمر بالعبادة، لمزيد فضلها على سائر العبادات، بما نيطت به من ذكر المعبود وشُغْل القلب واللسان بذكره، وقد سمَّاها الله إيمانًا في قوله سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾. (١)
واختلف العلماءُ في كفر تاركها كسلًا، وأما تاركها جحدًا فلا خلاف في كفره.
وقوله تعالى: ﴿لِذِكْرِي﴾: أَي لتذكرنى، فإن ذكرى كما ينبغي لا يتحقق إلاَّ في ضمن العبادة والصلاة، أو لتذكرنى فيها، لاشتمالها على الأذكار؛ أو لِذِكْرى خاصة، فلا تَشُبْهُ بذكر غيرى، أو المراد بالذكر هنا، التذكُّر، ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد.
عن أنس عن رسول الله - ﷺ - قال: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلِّها إذا ذكرها" فإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. وفي الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله - ﷺ -: "مَنْ نَامَ عَنْ صلاَةٍ أوْ نَسِيَهَا فَكَفّارَتُهَا أَنْ يُصَلَيَهَا إذا ذَكَرَها لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ".
ثم بين السبب في وجوب العبادة وإقامة الصلاة فقال:
١٥ - ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا... ﴾ الآية.
أَي إِن الساعة قادمة لا محالة، لتحاسب كل نفس بما عملت: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (٢).
﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾: أُريد إِخفَاءها بعدم تحديد وقتها، ولولا ما في الإخبار بمجيئها من اللطف وقطع الأعذار، لما أخبرت بإتيانها، ومع أنه تعالى أَخفى وقتها فقد بين رسول الله ﷺ أماراتها، تذكيرًا للناس بها ليحذروها.

(١) سورة البقرة، من الآية: ١٤٣.
(٢) سورة الزلزلة، الآيتان:


الصفحة التالية
Icon