٢٤ - ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾:
انتقل النسق القرآنى بهذه الآية الكريمة من المقدمات السابقة، إلى المقصود منها.
والمعنى: اذهب إلى ملك مصر وادعه إلى الاستقامة على طريق الحق والعدل، فإنه جاوز الحد في التجبر والطغيان، حيث ادَّعى الأُلوهية، وبغى على الرعية.
وحينما كلف الله موسي بهذا الأمر الخطير، تضرع التي الله عزَّ وجلَّ مستعينًا به كما حكاه الله بقوله:
٢٥، ٢٦ - ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾:
قال موسى متضرعًا إلى الله: رب وسع لي صدرى، فلا يضيق بكبرياء فرعون وجبروته، ومشقة دعوته ودعوة قومه الذين يعبدونه، واجعله في سعته مقبلًا على هذا الأَمر الجلل، مستريحًا لأدائه، وسهل لي أمرى الذي كلفتنى به بقوة العزيمة، والصبر والاحتمال، وتوفيقي إلى أحسن الأداء، ومعرفة شئون الحق وأحوال الخلق، لأصل بدعوتك إلى قلوبهم.
٢٧ - ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾:
واجعل لساني حين تبليغ الرسالة إلى فرعون طليقًا غير معقَّد ولا حبيس، حتى ينطلق في تبليغه ما تأمرنى به، وتكون عباراتي واضحة لكي يفهموا قولى، ويتأثروا بحسن أدائى.
وهذه العقدة التي في لسانه لم نجد في السنة النبوية بيانًا أو سببًا لها، وقد تكلم فيها المفسرون، فنقل ابن كثير عن ابن عباس أنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، ليتكلم عنه بكثير مما لا يفصح عنه لسانه، ولم يرد في هذا الخبر بيان سبب هذه العقدة.
وذكر الآلوسى: أنه كان في لسانه رُتَّةُ (١) من جمرة أدخلها فمه وهو صغير، وذكر كذلك قصة طويلة مشهورة على ألسنة الناس، وقيل غير ذلك، والله أعلم بصحة ما ذكروه، ويبدو لنا من سكوت السنة النبوية عن بيان هذه العقدة وأسبابها، أنها عقدة يخشى أَن تحدث له عند لقائه فرعون لتبليغه أنه ليس بإله، وأن لَا إله إلاَّ الله رب السماوات والأرض، في