وإِذا كان اللين مطلوبًا من صاحب الرسالة المؤيَّد من الله تعالى، فإنه يكون مطلوبًا من غيره بطريق الأَولى.
٤٥ - ﴿قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى﴾:
هذا استئناف مبين لما أَجابَا به ربهما بعد أن كلفهما بدعوة فرعون باللين إِلى ترك ما هو عليه، وهذا القول كان وقت مناجاة موسى لربه، فهو من موسى وحده، وإِسناده إِليهما حينئذ على سبيل التغليب، لأَن هارون سوف يخاف من طغيان فرعون إذا بلغه من أَمر الرسالة ما لا يحبُّه، فكأنه مشارك موسى في هذا المقال، فأُسند إليه مع أَخيه، ويجوز أن يكون هذا القول قد حدث منهما معا بعد أن التقى موسى بهارون في مصر وأَخبره بما كلفا به من قبل الله تعالى.
والمعنى: قال موسى وهارون: ربنا ومالِك أَمرنا إِننا نخاف إِن بلغنا رسالتك إلى فرعون أَن يبادرنا بقول غليظ، ويجابهنا قبل أَن نقيم له الحجة ونظهر له المعجزة، أَو أَن يطغى، ويجاوز الحد فيعاقبنا أَو يقتلنا.
٤٦ - ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾:
أَي قال الله مطمئنًا لهما، بعد أَن أَظهرا له خوفهما من فرعون - لا تخافَا منه ولا من قومه إِننى معكما بالحفظ والنصرة والحماية، أسمع وأَرى ما يدور حولكما، فلن أُمكنه منكما، ثم حضهما على التوجه برسالته سبحانه إلى فرعون فقال: