﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾: أَي مكره وحيل سحْرِه. ﴿وَيْلَكُمْ﴾: دعاءٌ عليهم بالويل وهو الهلاك.
﴿فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ﴾: أَي فيستأْصلكم به، يقال: أَسحته وسحته بفتح الحاءِ. بمعنى أهلكه.
﴿وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى﴾: أَي خسر وهلك من اختلق الكذب.
التفسير
٥٥ - ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾:
المعنى: من الأَرض بدأْنا خلقكم - فإِن خلق أَبيكم آدم عليه السلام من ترابها وخلقه أَصل لخلق كل فرد من أَفراد البشر، حيث إِن لكل منهم حظًّا من خلقه عليه السلام، انطوت عليه فطرته، وقيل المعنى: خلقنا أَبدانكم من الأَرض، فإِن النطف التي هي أَصلكم تولدت عن الأَغذية التي نبتت ونمت في تراب الأرض الممتزج بالماء. وبهذا يظهر في وضوح أَنه سبحانه خلقنا من الأَرض، ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾: أي وفي الأَرض نرجعكم إِذا متم وتفرقت أَجزاؤُكم وبليت أَجسادكم، وإِيثار التعبير بقوله: ﴿وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ على ﴿وإِليها نعيدكم.. ﴾ للإِشارة إِلى الاستقرار الطويل بعد العودة إليها.
﴿وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾: أَي ونخرجكم من الأرض ونحييكم مرة أُخرى للبعث والحساب والجزاءِ، وكون هذا الإخراج حصل مرة أخرى، باعتبار أَن خلق أَبينا آدم من الأَرض إخراج لنا منها أَولا، وإِن لم يكن إِخراج البدءِ وإخراج الإِعادة متساويين من كل وجه، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تموُتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ (١).
٥٦ - ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى﴾:
حكاية لما جرى بين موسى عليه السلام وفرعون عليه لعنة الله، وقد صدرت الآية بالقسم إِظهارًا لكمال العناية بما تضمنته من الآيات الدالة على نبوة موسى عليه السلام، وأَنها عرضت على فرعون فعاينها كلها وأَبصر إِعجازها.
والمراد بالآيات التي شاهدها فرعون، جميع المعجزات ما يتصل منها بالتوحيد، وما يتصل منها بنبوة الكليم، قصدًا إلى إِلزامه الحجة، حتى يستجيب إِلى دعوة الحق، ويتخلى عن