التفسير
٦ - ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾:
هذا كلام مستأْنف لبيان السر في تطورات خلق الإِنسان والنبات، والسبب الحقيقى فيها وما تدل عليه من تحقيق البعث.
والمعنى: ذلك الذي تقدم بيانه من خلق الإِنسان في أَطوار مختلفة، ابتداءً بخلقه من التراب وانتهاءً بجعله في أَرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئًا، ومن خلق النبات بمثل تلك الأَطوار - ذلك كله شاهد بأَن الله هو الحق الموجود الذي بيده الأَمر كله، وأَنه تعالى مِنْ شأْنه إِحياءُ الموتى به وإِعادة، وإِلا لما أحيا النطفة والأَرض الميتة مرة بعد أُخرى وأَنه سبحانه قادر تمام القدرة على كل شيءٍ. ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١).
٧ - ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾: معطوف على أَن الله هو الحق، داخل معه في حيز السببية والشهادة أَي: ذلك التطور في خلق الإِنسان والنبات حاصل وشاهد بأَن الله هو الحق، وأَن مِنْ شأْنه إحياءَ الموتَى كما ترون في تطويره الإنسان والنبات وأَنه على كل شيءٍ قدير، ولهذا قَدَرَ على إبداع هذا الكون، وأَن الساعة التي يُنْهى فيها الحياة الدنيا ستأْتى من غير شك في مجيئها، وأَن الله سوف يبعث من في القبور ليحاسبهم في أُخراهم على ما قدموه في دنياهم، ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (٢). فلهذا يريكم الآيات لعلكم تتفكرون.
والتعبير بلفظ "آتية" بدلا من لفظ "ستأْتي" للدلالة على تحقق إِتيانها ولا بد، لاقتضاءِ الحكمة مجيئها حتى يأْخذ المحسن جزاءَ إِحسانه والمسىءُ جزاء إِساءَته، وإِلا لضاع على كل ذى حق حقه، ولتساوى المحسن بالمسىءِ في مصيره، وذلك مناف لعدالة الله وحكمته.

(١) سورة يس، الآيتان: ٨١، ٨٢
(٢) سورة الزلزلة، الآيتان:


الصفحة التالية
Icon