١٢ - ﴿يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾:
هذه الآية مستأْنفة لبيان حاله في دنياه بعد ردته عن الإِسلام ونكوصه على عقبيه بعد الإِقدام.
والمعنى: أَن هذا الذي انقلب على وجهه وارتد عن الإِسلام، لفوات المنافع الدنيوية التي كان يرجوها منه، يعبد من دون الله أو يدعو لحاجته ما لا يضره إِن كفر به وما لا ينفعه إِن آمن به وعبده أَو دعاه، فهو مخلوق لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، فكيف يملكها لسواه ذلك الانصراف عن الحق إِلى الباطل هو الضلال البعيد عن سبيل النجاة.
١٣ - ﴿يَدْعُوا لَمَنْ (١) ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾:
وهذه الآية مستأْنفة أَيضًا لبيان مآل دعائه وعبادته غير الله تعالى.
والمعنى: أَن من انقلب عن الإِسلام وعبد غير الله أَو دعاه. يقول يوم القيامة حين يعذب بسبب معبوده الذي ارتد إِليه، وكان يأْمل شفاعته أَو حمايته يقول نادما بصوت مرتفع: المولى الذي ضرره أَقرب تحققا من نفعه والله لبئس المولى الذي يتخذه الإِنسان لنفسه ناصرا، ولبئس العشير الذي يصطفيه عشيرا، فكيف بما هو ضرر محض لا نفع فيه؟.
وقد استفيد من هذه الآيات الثلاث أَن الله تعالى لا يقبل النفاق في الدين، والتجارة بالعقيدة، فليس لله من الدين إِلا الدين الخالص، والعقيدة الثابتة، وأَن الصبر على البلاءِ واجب كل مؤمن، وميزة كل تقى. ولهذا قال - ﷺ -: "أشد الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم الأَمثل فالأَمثل، يُبْتَلى الرجل علي حسب دينه، فإِن كان في دينه صُلْبًا اشتد بلاؤُه، وإِن كان في دينه رقَّةٌ ابتلى على قدر دينه، فما يبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يمشى على الأَرض وما عليه خطيئة" أَخرجه البخاري وغيره.