والوليد بن عتبة، أَو أَنها نزلت في المسلمين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لأَن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ثم فَصَّلت الآية ما أجمل سابقا في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ببيان ما أُعد لكل فريق من جزاءِ فَصْلا لهذه الخصومة فقال سبحانه:
﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ﴾: أي تُقَطَّع لهم في الآخرة من النار الهائلة قِطَع تشبه الثياب في كونها على مقادير جثثهم، وإِحاطتها بهم كما تحيط الثياب بلابسها، وذكر التقطيع بصيغة الماضى (قُطِّعَت) مع أَنه سيقع في المستقبل، لأَن ما كان من أَخبار الآخرة فالموعود به كالواقع المحقق.
"وأَخرج جماعة عن سعيد بن جبير أن هذه الثياب من نحاس مذاب، وليس شىءٌ حمِىَ في النار أَشدّ منه، فليست الثياب من نفس النار بل من شيءٍ يشبهها وتكون هذه الثياب كسوة لهم وما أَقبحها كسوة!! ولذا قال وهب: "يُكْسى أَهل النار، والعُرْى خير لهم" اهـ من تفسير الآلوسى والله أَعلم بصحة ما نقل عن سعيد بن جبير، فإِنه من الغيب الذي لا يعرف إلا بالوحى.
﴿يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾: أَي يصب على رءُوسهم الماءُ الحار الذي انتهت حرارته إلى غايتها.
٢٠ - ﴿يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾:
أَي: يذاب بالحميم إذا صب على رءُوسهم - يذاب به - ما في بطونهم من الشحم والأَمعاءِ.
قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وكذلك تذوب به جلودهم بمعنى: تتساقط.
وقيل التقدير: يذاب به ما في بطونهم وتحرق الجلود، كقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾.
٢١ - ﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾:
أي: وجعل الله لتعذيبهم أَعمدة من حديد يضربون بها ويُدفعون. وقيل المقامع: المطارق وهي المرازب أَيضا، وقيل: هي سياط من نار، وسميت بذلك لأَنها تقمع المضروب أَي: تُذِلُّه.