ذكرها؛ لأَن الوقت مشتمل عليها، فإِذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها، كأَنها مشاهدة عيانا، والسياق يشير ظاهره إِلى أَن قواعد البيت كانت مبنية قبل إِبراهيم - عليه السلام - وأَنه تعالى هداه إِليها. روى عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ (١) أَنه قال: هي القواعد التي كان عليها البَيْت قبل ذلك. اهـ وبعد هذا بنته قريش في الجاهلية، وحضر بناءَه رسول الله - ﷺ - وكان شابًا، ثم بناه عبد الله بن الزبير، ثم الحجاج بن يوسف الثقفى وهو البناءُ الموجود اليوم - كما قاله الآلوسى.
﴿أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ أَي: قائلين له: لا تشرك بى في العبادة شيئًا بل اجعلها خالصة لى وحدى. والخطاب - لإِبراهيم عليه السلام - ونهيه عن الشرك نهى لأَبنائه، وأَتباعه وكل من تناسل منهم وإِشارة إِلى خطيئة كل من أَشرك بالله من قُطَّان البيت وسكانه.
﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ أَي: وطهره من الشرك والأَرجاس والأَصنام، ليكون خالصًا للموحدين الطائفين حوله، والمصلين فيه أَو حوله، أَو متجهين إِليه إِذا صلوا بعيدا عنه. والتعبير عن الصلاة بالقيام والركوع والسجود؛ لأَنها من أَعظم أَركانها، وقد دلت الآية على أَن الطواف لا يشرع إلا حول البيت، وأَن الاتجاه في الصلاة لا يكون إِلا إليه، ما لم يمنع من ذلك مانع، وقد فصَّلَتْ كتب الفقه ذلك.
﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧)﴾
المفردات:
﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ أَي: ناد فيهم وادعهم إلى الحج.
﴿يَأْتُوكَ رِجَالًا﴾ أي: مشاة. ومفرد ﴿رِجَالًا﴾: راجل - أَي ماش على رجليه -، والفعل: رَجِلَ، كفرح.

(١) سورة البقرة، من الآية: ١٢٧


الصفحة التالية
Icon