عن سبعة في الأُضحية، لا يقتضي إِطلاق اسم البدنة عليها، ولا كفايتها عنها في الهدى ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾: الأَمر بالأَكل للإِباحة مخالفة للمشركين؛ لأَنهم كانوا لا يأْكلون من هديهم ويقولون بحرمته، والأَمر الثاني للندب، أَي: فيباح للمُهْدِى أَن يأْكل من هديه ولو لم يأْكل منه جاز، وأَوجب بعض الفقهاءِ أَكله منه، ويندب له أَن يُطعم منه القانع والمعتر، ولو صرفه جميعه لنفسه جاز ولم يضمن شيئًا، ولكن الأَولى أَن يقسم أَثلاثا ثلثا لصاحبه، وثلثا للقانع، وثلثا للمعتر. وروى ذلك عن ابن مسعود والآية تشير إليه، وقال بعضهم: لا تحديد فيما يؤكل أَو يطعم لإِطلاق الآية. وهو الظاهر.
ويراد بالقانع: من رضى بما عنده ولم يتعرض للسؤال، وفعله قَنِعَ من باب فرحَ يقنَع قناعة.
ويراد بالمعتر: الذي يطيف بد ويُلمُّ راغبا في عطائك ساكتا أَو سائلا، من اعترَّه إِذا تعرض له للسؤال كما تقدم بيانه في المفردات، وتخصيص الإِطعام في الآية بالقانع والمعتر، لا ينفى جواز إِطعام الموسرين قياسًا على جواز أَكل المُهْدين وإِن كانوا أَغنياء.
وما ذكر من إِباحة الأَكل، وندب الِإطعام إِنما هو في هدى التطوع أَما ذبائح الكفارات فعلى صاحبها التصدق بجميعها، فما أَكله منها أَو أَهداه لغنى ضمنه، وفي هذا الموضوع خلافات مذهبية فارجع إِليها في موسوعات التفسير أَو كتب الفقه.
﴿كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ﴾: أَي مثل هذا التسخير البديع المفهوم من قوله تعالى: "صوافَّ" سخرناها لكم فلا تستعصى عليكم مع قوتها وعظم أَجرامها حتى أَنكم تأْخذونها وتحبسونها صواف ثم تطعنونها في لبَّاتها، ولولا تسخير الله لم تخضع، ولم تكن بأْعجز من بعض الوحوش التي هي أَقل منها حجما وأَضعف قوة ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾: أَي لكي تشكروا آلاءَ الله المتتابعة عليكم، بالتقرب إليه بما يجب عليكم من امتثال لأمره وإِخلاص في عبادته.
٣٧ - ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ... ﴾ الآية.
قال ابن عباس: "كان أَهل الجاهلية يُضَرِّجُونَ البيت بدماء البُدْن فأَراد المسلمون أَن يفعلوا ذلك فنزلت الآية" ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا.. ﴾: أَي أَنه تعالى ليس له حاجة إِلى لحومها ودمائها، حتى تضرجوا بها بيته، ولكن يناله التقوى منكم ف