ولْيَعْلم المؤمن أن العمل الصالح ثمرة الإيمان الصادق، فمن لا عمل له فإيمانه واهن ضعيف بل هو ميت لا أثر للحياة فيه، فهو كالشجرة الجافة، لا ورق لها ولا ثمر، ولهذا مثل الله تعالى كلمة الإيمان الصادق بقوله: " ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (١).
وقد جاءَ في فضل هذه الآيات التي صدرت بها سورة (المؤمنون) وثواب من يعمل بها - جاء في ذلك حديث أَخرجه الإمام أَحمد بسنده عن عمر بن الخطاب قال: "كان إذا نزل على رسول الله - ﷺ - الوحى، يُسْمَعُ عند وجهه دويٌّ كدوى النحل، فمكثنا ساعة فسرِّى عنه، فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: "اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأَكرمنا ولا تهنا، وأَعطنا ولا تحرمنا، وآثِرنا ولا توثر علينا، وارض عنا وأرضِنا" ثم قال: "لقد أُنزِلَتْ على عشر آيات من أَقامهن دخل الجنة "ثم قرأ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾ " حتى ختم العشر، وسئلت عائشة - رضى الله عنها -: كيف كان خلق رسول الله - ﷺ - فقرأَت: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾ حتى انتهت إلى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ يُحَافِظونَ قالت: هكذا كان خلق رسول الله ﷺ -" أخرجه النسائى في تفسيره (٢) وقد وعد الله المؤمنين في هذه الآيات ميراث الفردوس والخلود فيه إذا اتصفوا بصفات سِتٍّ (أَولاها) الخشوع في الصلاة، وقد سبق الحديث عنه، وفيما يلى: الحديث عن باقى الصفات:
٣، ٤ - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾:
تضمنت هاتان الآيتان صفتين أُخريين للمؤمنين المفلحين بعد وصفهم بالخشوع في الصلاة، الصفة الأولى منهما: إعراضهم عن اللغو وبعدهم عنه، وفسره ابن عباس بالباطل، وقال الآلوسى: وقد يُسَمى كل كلام قبيح: لغوًا، وعمَّم بعضهم اللغو فجعله يشمل كل ما لا يعتد به من الأَقوال والأَفعال، وشاع في كل كلام يقوله صاحبه لا عن روية وفكر، فهو
(٢) انظره والحديث الذي قبله في تفسير ابن كثير لأول (المؤمن