فهو على بعثهم قدير، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ﴾ والطرائق: جمع طريقة، وتطبق على الطبقة فوق الأخرى، يقال: طارقت الشيء: جعلت بعضه فوق بعض، كما تطلق على الطريق المعروف، وعلى الأسلوب والهيئة.
وأُطلقت الطرائق على السموات السبع إِما لكون بعضها فوق بعض، أَو لأَنها طرق الملائكة في هبوطهم وعروجهم، أو لأن لكل سماء طريقة وأسلوبا في خلقها ونظامها وهيئتها.
ومعنى الآية: ولقد أنشأْنا فوقكم يا بنى الإنسان سبع سماوات طباقا، يسلكها الملائكة في أَعمالهم التي كلفهم الله بها، ولكل سماءٍ هيئة ونظام يتفق مع ما خلقت لأَجله، وما كنا عن جميع مخلوقاتنا ساهين مهملين، فكل شيءٍ خلقناه فيها بقدر، دبرناه بحكمة، وهو مشمول برعايتنا وحفظنا، ومحوط بعلمنا ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (١) لا تحجب سماءٌ عن علمه سماءً أخرى، ولا أَرض أرضًا غيرها، ولا جبل إلا هو يعلم سهوله ووديانه وهضابه وكثبانه، ولا ريف إلا وهو يعلم نباته وأَشجاره، وإنسانه وحيوانه ﴿وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (٢) ولا بحر إلا وهو يعلم مياهه وركبانه، وأَسماكه وحيتانه، فهو ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ (٣).
١٨ - ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨)﴾:
كل ما علاك يطلق عليه في اللغة: سماءٌ، والمراد بالسماء هنا إمَّا السحاب، فمنه ينزل المطر، وإما السماءُ المعروفة، والمقصود من إنزال المطر منها إِنزاله بسببها، فإن المطر أصله أَبخرة صاعدة من البحار، بسبب تسلط حرارة الشمس عليها، والشمس من السماء.
(٢) سورة الأنعام، من الآية: ٥٩
(٣) سورة البقرة، من الآية: ٢٥٥