﴿ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ﴾: أي يستقر المقيم فيها لطيب هوائها، ونقاء تربتها، وقيل: لأَنها ذات زروع وثمار، تُيسِّر الاستقرار لساكنها، وترغبهم فيه.
ولما كان الماء أَصل الحياة وسبيل بقائها، شاءَ الله أَن يكرمهما بالإيواء إلى ربوة ذات ماءٍ ظاهر جار تراه العيون وتتبينه واضحًا، حتى يكون جامعا لفنون المنافع: من الشرب منه، وسقْى ما يُسقى من الحيوان والنبات من غير مشقة، مع ما في ذلك من الاستمتاع بمنظره المونق، والاستقرار في الربوة التي هو فيها.
﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)﴾
المفردات:
﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ﴾: وهي ما لذَّ وطاب من الطعام، وما حَلَّ منه، يقال: طاب الشيءُ، يَطيب طيبا وطيبة، فهو طيِّب.
التفسير
٥١ - ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا... ﴾ الآية.
المراد بندائهم وخطابهم جميعا: الإِعلام بأَن كل رسول نودى بذلك في زمنه، وَوُصِّيَ به، ليعلم السامعون أَن أمرا أعْلِمَ به جميع الرسل، وطُلب منهم، وهو الأَكل من الطيبات لِيعلموا أَن أَمرا كذلك - حقيق أَن يتلقوه بالقبول والامتثال.
والمراد بالطيبات، إمَّا ما تستلذه النفس وتطيب به من مباحات المأْكل، حسبما ينبىءُ عنه سياق النظم الكريم، وحينئذ يكون الأَمر للإباحة، وفيه ما لا يخفى من الدلالة على بطلان ما عليه الرهابنة من رفض الطيبات، وإما أن يراد بها ما حلَّ منها، فيكون الأَمر للوجوب.