٦٧ - ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾:
الضمير في قوله: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ﴾ يعود على البيت الحرام الذي كانوا يسمرُون حوله (١)، أَي: مستكبرين على المسلمين في البيت الحرام، حيث منعتموهم من أَداءِ شعائرهم حوله، وكنتم مع ذلك تجتمعون للسمر والتآمر ضدهم، والطعن في القرآن الكريم، وذم النبي - ﷺ - مع أَن الله جعل البيت حرمًا آمنًا لجميع خلقه، يُذكر فيه اسمه، ويُعَظَّم كتابه، ويُوقر رسوله، ولا يؤذَى فيه المؤمنون من عباده. وقيل: الضمير عائد على (آيَاتي) في قوله تعالى ﴿قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ لأنها في معنى كتابي الذي هو القران الكريم، واستكبارهم به: تكذيبهم بآياته، بتضمين ﴿مُسْتَكْبِرِينَ﴾ معنى مكذبين، فعُدِّيَ تعدِيَتَهُ.
وحاصل المعنى: أَنهم كانوا يجتمعون بالليل حول البيت، ويتحدثون في غالب سمرهم عن القرآن بتسميته سحرًا أو شعرًا أَو أَساطير الأولين، مع تصافهم بأَنهم مع هذا يهجرون، أي: ينطقون بالفحش من كل قول، أو يهذون بالسفه البذيء، والجهل الممقوت في سب القرآن أو النبي أو الحق مطلقًا.
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠)﴾
المفردات:
﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ أَي: القرآن. ﴿فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ أَي: غير عارفين للنبي حقه بعدم تدبرهم القول الذي جاءَ به، مِن أَنكرته إِنكارًا، ضد: عرفته.
﴿بِهِ جِنَّةٌ﴾ الجنة: الجنون، كما تطلق على الجن، وسيأْتي بيان ذلك.

(١) والباء بمعنى: (في).


الصفحة التالية
Icon