العطاء القليل، أما الخراج فهو العطاء الكثير، لأن كثرة المبنى تدل على كثرة المعنى؛ ولذا عُبِّر بالأول في جانب الخلق، وبالثانى في جانب الخالق، وقيل: إنهما سواءٌ في المعنى.
﴿وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾: تأكيد لخيرية عطاءه ورزقه، فإن مَنْ كان خير الرازقين يكون رزقه خيرًا وأوفى من رزق غيره، بمعنى أنه لا يقدر أحد أن يرزق مثل رزقه، ولن يستطيع أن يُنعم قدر إنعامه.
٧٣ - ﴿وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾:
أي: إلى دين الإسلام الذي تشهد الفِطَرُ السليمة باستقامته وتنزهه عن أَي شائبة تلحقه، أَو اعوجاج يعيب منهجه، والصراط: الطريق، وسمى الدين طيقًا لأنه يؤدى إلى الجنة، فهو طريق إليها.
٧٤ - ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾:
هم كفار قريش المحدَّث عنهم فيما سبق، وقيل: المراد ما يعمهم ويعم غيرهم من الكفار المنكرين للبعث، وتدخل قريش في ذلك دخولًا أوليًّا، وقد وصفوا بعدم الإيمان بالآخرة، تشنيعًا عليهم بما يفعلونه من إقبال على الدنيا، واستمساك بها، زاعمين: أنه لا حياة لهم بعد هذة الحياة، ولو كانوا يؤمنون بها لخافوا سوء المصير فيها بكفرهم بالحق الذي جاءهم على لسان رسوله.
المعنى: وإن الذين لا يصدقون بالآخرة وأهوالها لمعرضون عن الصراط السوى، ومنحرفون عنه، ولو آمنوا بها لفكروا قبل أن يكفروا بما جئتهم به، ولهداهم التفكير إلى الصراط السوى الذي يوصلهم إلى رحمة الله.