٧٧ - ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾:
لفظ: ﴿حَتَّى﴾ يدل على أن الكلام بعدها غاية لما قبلها، والمراد بالعذاب الشديد الذي يفتح عليهم بابه: إِمَّا ما يكون بفتح مكة، وإِمَّا ما يحدث يوم القيامة.
والمعنى: أَنهم مستمرون في عنادهم وكفرهم لا تفيدهم الآيات والنذر، حتى إذا فتحنا عليهم بابًا موصلًا إلى عذاب شديد لا طاقة لهم به، كما حدث لهم يوم فتح مكة، أَو كما سوف يحدث لهم يوم القيامة، إذا هم فيه مُتَحيِّرون آيسون من كل خير.
أما عذابهم يوم فتح مكة، فهو عذاب اليأس والقنوط من الانتصار على محمد والقضاء على دينه، واستسلامهم له أَذلة صاغرين، وأَما عذابهم يوم القيامة فيكون لمن مات منهم على كفره قبل الفتح، أَو كتم كفره ونافق بالإيمان بعد الفتح.
وفي المعنى الثاني يقول الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢)﴾ (١) ويقول: ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥)﴾ (٢).
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٨٠)﴾
المفردات:
﴿وَالْأَفْئِدَةَ﴾: القلوب، مفردها فؤاد. ﴿ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾: خلقكم وبثكم فيها (٣).
﴿تُحْشَرُونَ﴾: تجمعون. ﴿وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾: ولأَمر الله وتدبيره يرجع تعاقب

(١) سورة الروم، الآية: ١٢
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٧٥
(٣) قال صاحب القاموس: ذرأ كجعل: خلق، وذرأ الشيء: كثره، ومنه: الذرية - مثلثة - لنسل الثقلين.


الصفحة التالية
Icon