٨٥ - ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾:
أي: أنهم مع فرط جهالتهم، وفقدان القدرة على القياس لديهم، فإنهم سيجيبونك أيها الرسول بأن الأرض ومن فيها لله، لأنهم لا يجحدون ذلك، قل لهم حين يجيبونك بذلك: أتقولون هذا، فلا تعتبرون بأن من فطرها وفطر من عليها ابتداء فهو قادر على إعادتها ثانيا؟ فإن الإعادة أسهل من الابتداء في قياس العقول.
٨٦، ٨٧ - ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾:
قل - أيها الرسول - لهؤلاء الجاهلين: من هو مالك السموات السبع بجزئياتها وبمن عليها من كائنات لا يعلمها غيره، ومن هو مالك العرش العظيم؟ سيقولون في إجابتهم: هي لله، قل لهم: أَتقولون ذلك فلا تتقون الله وأنتم تشركون وتنكرون البعث والنشور، وهما أهون عليه من خلق السموات السبع وخلق العرش العظيم (١)؟
٨٨ - ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾:
اليد هنا كناية عن القدرة والمعنى: قل لهم أيضا مبالغا في التقرير والإنكار: مَن بقدرته ملك كل شيء وتدبيره، وهو يمنع من يلوذ به ويحميه من المكاره، ولا يستطيع أحد أن يجير ويحمى من أراده بسوءٍ؟ إن كنتم تعلمون الجواب عن هذا السؤال فأجيبونى، ثم تولى الله الجواب عنهم، لأنهم مقرون به ولا معدل لهم عنه فقال سبحانه:
٨٩ - ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾:
سيقول هؤلاء المشركون: الملك والملكوت لله، والإجارة والحماية للمستجير لا تكون إلا لله دون سواه، وإذا كان هذا ما سيقولونه جوابا عن سؤالك، فكييف يُصْرفُون عن الرشد والهدى كالذين سُحِروا ففقدوا عقولهم؟

(١) العرش في اللغة: سرير الملك، ويكنى به عن العز والسلطان، وعلى الأول فهو كائن عظيم يحيط بالكون.


الصفحة التالية
Icon