٩٧، ٩٨ - ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ *وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾:
بعد أن أمر الله نبيه بدفع السيئة بالحسنة، أَمره أن يعوذ به من وساوس الشياطين، ليكون ذلك معينًا له على دفع السيئة بالحسنة، ونحن في كلا الأَمرين مكلفون بالعمل بما أمر الله به رسوله فيهما.
والاستعاذة بالله والاعتصام به من الشياطين أَمر ينبغي الحرص عليه عند الشروع في كل عمل صالح للفرد أَو للمجتمع، فإن الشياطين من الجن والأنس أَعداءٌ للخير، فهم لذلك يحرصرن على الصد عنه بوساوسهم وإِغراءَاتهم المضللة للنفس البشرية، فهم يزينون لها الباطل، وينفرونها من الحق بأَساليب مزوقة وملفقة قد تخفى على التقى الورع، ولا عاصم من خداعهم إلاَّ الله رب العالمين، فلهذا أَمرنا سبحانه بالاستعاذة به من وساوسهم.
والمعنى: وقل - أيها المسلم - عند الشروع في أَمر نافع لك أَو لمجتمعك: يا رب أَعوذ بك وأَعتصم بربوبيتك من وساوس الشياطين الصارفة عن البر والخير، وأعوذ بك وأَعتصم بحمايتك من حضورهم حولى في أَي حال من أَحوالى الدنيوية أَو الأخروية، لأَسلم من شرورها ومغرياتهم الكاذبة: ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (١).
ومِنْ أَجدر الأَحوال بالاستعاذة بالله من الشياطين حالُ الصلاة وقراءة القرآن وحلول الأجل، وعند النوم، لأَنهم ينشطون فيها أكثر من سواها.
وفي الاستعاذة عند النوم: أخرج الإأمام أحمد بسنده عن جَدِّ عَمْرو بن شعيب قال: "كان رسول الله - ﷺ - يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم - من الفزع -: بسم الله أَعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأَن يحضرون" ورواه كذلك أَبو داود والنسائى والترمذى وحسنه.
وفي الأَمر بالتعوذ من حضور الشياطين بعد الأَمر بالتعوذ من همزاتهم مبالغة في التحذير من ملابستهم.

(١) سورة يوسف، من الآية: ٦٤


الصفحة التالية
Icon