ففي هاتين الآيتين يبين الله سبحانه، أن للزوجة أَن تدفع عن نفسها العذاب المترتب على لعان الزوج وشهاداته ضدها، فتكذبه فيما قذفها به.
وطريقة تكذيبها إياه كما يفهم من نص هاتين الآيتين: أن تقول أَربع مرات بتلقين القاضى وأمْرِه: أَشهد بالله إِن فلانًا لمن الكاذبين فيما رمانى به من الزنى، وتميزه بالاسم والنسب إن كان غائبًا، وتشير إِليه إن كان حاضرًا، وتقول في الخامسة بأَمر القاضى وتلقينه: وعليَّ غضب الله إن كان من الصادقين، فإذا قالت ذلك فلا حَدَّ عليها، ولكنها لا تعود إلى زوجها أَبدًا كما تَبْقَى الآثار الأُخرى التي ترتبت على لعانه - كما قال الشافعية (١).
والغضب أَعظم من اللعنة، لأَنه يتضمنها وزيادة، ولذلك خصت به المرأَة، لأَن جريمة الزنى منها أَقبح من جريمة القذف منه، ولهذا تفاوت الحدان.
وقبل أَن يلاعن الزوج يذكره القاضى بأَن عذاب الآخرة أَشد من عذاب الدنيا إِذا لاعن كاذَبًا فإِنى أصر على اتهامه وملاعنته لزوجته، قال له القاضى قبل الخامسة: اتق الله، فإِن عذاب الدنيا أَهون من عذاب الآخرة، وإن هذه هي الموجبة التي توجب عليك العذاب فإِن أَبي شهد الشهادة الخامسة، وكذلك يفعل مع المرأَة، ويقرأ عليهما قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ... ﴾ الآية (٢).
١٠ - ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾:
في هذه الآية انتقال إلى أسلوب الخطاب للرامين والمرميات، بعد الحديث عن أحكامهما بأُسلوب الغيبة، وذلك منه تعالى لتوفية مقام الامتنان عليهم، وجواب لولا مقدر، ولم يذكر
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٧٧