لما ضرب الله مثل المؤمنين فيما تقدم، عقبه بضرب مثل الكافرين هنا وفي الآية التالية وهذه الآية معطوفة على ما قبلها، من عطف المَثل على المَثَل، والقصة على القصة، كأنه قيل: مثل المؤمنين في حالهم ومآلهم كما وُصف، ومثل الذين كفروا أعمالهم كسراب... إلخ.
ويقول مقاتل: إِن هذه الآية نزلت في شيبة بن ربيعة، كان يترهب متلمسا الدين فلما خرج - ﷺ - كفر شيبة، ذكره القرطبى، وسواء أكان هذا هو السبب أَم غيره، فالعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
والسراب - كما عرفه المتقدمون -: بخار رقيق يرتفع من قاع القيعان تحت تأثير الشمس، فإذا اتصل به ضوءُها أَشبَهَ عند من يراه من بعيد الماء السارب، أَي: الجارى، وقيل: هو ما ترقرق من الهواء في الهجير بفَيَافى الأرض المنبسطة، ويشبه في لمعانه الماء، وليس بماء.
وفي خداع السراب يقول الشاعر في تشبيه العهود الخادعة:
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم | كَلَمْعِ سراب في الفَلاَ متألِّقٍ |
والقيعة: هي الأرض المستوية المنبسطة، وهي مفرد، كالقاع، وقيل: هي جمع قاع، كجِيرَة: جمع جار.