﴿السَرِيُّ﴾: الجدول الذي يسرى فيه الماءُ، أو السيد العظيم الخصال.
﴿رُطَبًا جَنِيًّا﴾: أي صالحا للاجتناء والقطع بعد أَن صار طريا، وقال أَبو عمرو بن العلاء.
﴿رُطَبًا جَنِيًّا﴾ لم يجف ولم ييبس ولم يبعد عن يدي مجتنيه.
التفسير
٢٢ - ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾:
أي فاطمأنت مريم عليها السلام إلى قول جبريل، فدنا منها فنفخ فيها، فحملته بالغلام الذي بشرها به عقب النفخ فيها، فلما قرب وضعها قصدت مكانا بعيدًا عن أَهلها، فرارًا من تعييرهم لها، وقد روى أَنه قرية على بضعة أميال من بيت المقدس يقال لها بيت لحم. حكى ذلك ابن وهب.
٢٣ - ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ.... ﴾ الآية.
أي فألجأها الطلق وشدة الولادة وأَوجاعها، بسبب تحرك الجنين نحو الخروج - ألجأَها ذلك - إِلى جذع النخلة وهو ساقها، لتستند إِليه وتتعلق به ليكون عونا لها على قوة الاحتمال، والتستر به عن أَعين الناس، وكان جذعا لنخلة يابسة على أكمة في الصحراء لا سعف له ولا غصن عليه. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها عليها السلام لما اشتد عليها الطلق نظرت إِلى أكمة، فصعدت مسرعة فإذا عليها جذع نخلة نخرة ليس عليها سعف. اهـ ولو كانت ذات سعف أخضر وفيها حياة لقال: فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى النَّخْلَةِ.
ولعل الله أرشدها إِليه ليريها آية من آياته، كإثماره بدون سعف ومن غير لقاح وفي وقت لم يعهد فيه وجود ذلك الثمر، تسكينا لروعها، وتطمينًا لنفسها بمثل هذه الخوارق، ولكنها عندما أحست أَنها ستتهم في الإِتيان بهذا المولود بعد أن كانت عندهم عابدة ناسكة، وأنها سوف تصبح فيما يظنون عاصية فاجرة، تمنت الموت كما حكى الله عنها ذلك بقوله:
﴿قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾: يا ليتنى من قبل هذا الكرب الذي أنا فيه والحزن بولادتى المولود بغير بَعْلٍ، فهي مدفوعة إِلى هذا القول مما شعرت به من أَلم النفس استحياءً من الناس، وخوفا من لائمتهم وحذرا من وقوعهم في المعصية بما يتكلمون في عفتها، فقد توقعت فتنة شديدة بين أَهلها وذويها، وقذفا عنيفا يمس شرف أَصلها، وطهارة أَبيها وأُ


الصفحة التالية
Icon