٣٢ - ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِي... ﴾ الآية.
أَي وجعلنى بارًّا بها امتثالًا لأمره بهذا البر، فهي السبب في وجودى في هذه الدنيا بعد مشيئة الله تبارك وتعالى.
قال ابن عباس: لما قال: وبرًّا بوالدتى ولم يقل وبرًّا بوالدى، علم أن هذا الصغير شىءٌ من جهة الله تعالى. اهـ
وفي ذلك تأكيد لطهارة أُمه، وقرىء وبِرًّا بكسر الباءِ على أنه مصدر وصف به مبالغة كأنه نفس البر.
﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾: أَي ولم يجعلني في علمه الأزلى مستكبرا عن عبادته وطاعته وبر والدتي، فأكون بذلك شقيًّا عاصيًا لربي عاقًا لوالدتى، وقال بعض السلف لا تجد أَحدًا عاقًا لوالديه إِلَّا وجدته جبارًا شقيًّا.
٣٣ - ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ... ﴾ الآية.
أي وخصني الله بالسلامة والأمن في الدنيا حين ولدت، وفي القبر حين أَموت، وفي الآخرة يوم أُبعث حيًّا، فقد سَلِمَ عليه السلام في أَحواله كلها، من غضب الله تعالى وعقابه، وفي قوله عليه السلام تعريض بما يصيب مُتَّهِمِى مريم وأَعدائها من اليهود، من فزع واضطراب وما ينزل بهم من سوء اله ذاب. ونظيره ﴿وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى﴾ (١).
يعني أَن العذاب على من كذب وتولى، حيث كان المقام مقام معارضة وعناد فهو منته إِلى نحو هذا من التعريض.