﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾: مرسلًا إِلى الخلق لتبليغ رسالة ربه وأَحكام دينه، كما كان رفيع القدر عظيم المنزلة عند ربه، حيث اصطفاه علي الناس برسالاته وبكلامه، وجعله نبيًّا لقومه، يخبرهم برسالته وما اشتملت عليه من التوحيد والشرائع.
وقد جمع له بين الوصفين: الرسالة والنبوة، وهو تشريف له عظيم.
٥٢ - ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾:
أي كان النداءُ مقبلًا من جانب الطور الأيمن لموسى عليه السلام، والطور الذي حصل النداءُ من جانبه، جبل في سيناءَ التابعة للقطر المصرى، ويجوز أَن يكون الأيمن من اليمن والبركة، فيكون وصفًا لجانب، أي من جانبه الميمون المبارك، وكان موسى عائدًا من مدين إلى مصر ومعه زوجته بنت شعيب، ومن تلك الجهة التي على يمينه أو الميمونة ظهر له كلام الله تعالى الذي ناداه به، وقربه بسببه تقريب تكريم وتشريف، حيث اختاره لمناجاته ومسارَّتِه. مثَّل حاله عليه السلام، بحال من قرَّبه الملك لمناجاته، ورفع الوسائط بينه وبينه ثقة به وإِعلاءً لقدره، فالتقريب معنوى لا حسِّي، تعالى الله عن الحلول بمكان وعن الجسدية والقرب المكاني ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١).
٥٣ - ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا... ﴾:
المعنى: من أجل رأْفتنا بموسى عليه السلام، ورعايتنا لشأنه، وهبنا له مساعدة أخيه هارون ومؤازرته، استجابة لدعوته التي طلبها بقوله: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي﴾ (٢). ولهذا قال بعض السلف: ما شفع أحد في أحد شفاعة في الدنيا أَعظم من شفاعة موسى في هارون أن يكون نبيًّا. ذكره ابن كثير.
(٢) سورة طه، الآيتان: ٢٩، ٣٠