أي قل يا محمَّد لهؤلاء المشركين المدعين أنهم على الحق بما هم عليه من قوة ومال، وأنكم على الباطل بما أنتم عليه من ضعف وفقر، من كان منكم في الضلالة، فأمهله الله فيما هو فيه حتى يلقى ربه، فسيعلمون حين يرون العذاب أو الساعة من هو شر مكانًا عند الله وأضعف جندًا مِنْ سواه، أَهم هؤلاء المؤمنون الضعفاءُ الفقراءُ أم أولئك المشركون الأقوياءُ الأغنياءُ؟.
٧٦ - ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى.... ﴾ الآية.
لما أخبر الله سبحانه أنه سيمد للظالمين في ضلالهم استدراجًا لهم حتى يبغتهم بالعذاب أو بقيام الساعة، أخبر في مقابل هذا أنه يزيد المهتدين في هدايتهم ويوفقهم ويعينهم على أَداء الأعمال الصالحة الباقية، فهي أفضل من بسطة الرزق وسعة الجاه والقوة والبأْس الذي استدرج الله به الضالين، ليزدادوا إِثْمًا حتى إذا أخذهم لم يفلتهم. ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ (١).
﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا﴾: وإذا كان المال والجاه والقوة فتنة لهؤلاءِ الضَّالِّين، فَإنَّ الأعمال الطيبة أفضل عند الله منزلة وأكرم مكانًا وأعظم أَجرًا، وابقى أَثرًا، فهى الباقيات الصالحات، وقد فسرها ابن عباس بالصلوات الخمس، وقيل الباقيات الصالحات: الأكثار من ذكر الله والثناءِ عليه بما أَلهمنا إيَّاه، روى أحمد في مسنده عن النبي - ﷺ -: (... ألا إِنَّ سُبْحانَ اللهِ والْحمْدُ لِلهِ ولَا إله إلاَّ اللهُ والله أكْبر هُنَّ الْباقِياتُ الصالحات) وبالجملة فالإِكثار من الأعمال الصالحات وترطيب اللسان بذكر الله أَفضل عند الله وأدعى إلى قربِهِ وأكرم لديه مما ينغمس فيه الضَّالون من ترف ونعيم وأَحسن عاقبة عنده.