التفسير
١ - (طسم): يقول سلف هذه الأُمة الإِسلامية في هذه الكلمة وفي أَمثالها: إِنها من المتشابه الذي استأْثر الله بعلمه، وقيل: إِنها للإِيقاظ والتنبيه إلى سماع القرآن؛ فإنها لفظ لا تأْلف الآذان ابتداءَ الكلام به فيلفتها إِلى الإِصغاء، وقال قوم: إِن المقصود: هو التحدي للعرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فهو يشير إلى أَن القرآن مكون من هذه الحروف التي تتركب منها كلماتهم ومع ذلك لم يستطيعوا أَن يأْتوا بسورة من مثله، وقد سبق الكلام مستوفًى على مثله في أول سورة البقرة، وآل عمران وغيرهما، فارجع إليه إن شئت.
٢ - ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾:
﴿تِلْكَ﴾: إشارة إلى أَن آيات القرآن الكريم قد سمت منزلتها، وعلا قدرها، وعظم شأْنها، وجلت عن أَن يدانيها كلام البشر، فهي آيات الكتاب المنزل من عند الله الذي أبان فيه الحق وأَظهر الأَحكام وتحدث عن أَخبار الأُمم السابقة، وعن آيات الله الكونية بأُسلوب أَعجز الجن والإِنس: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ (١).
٣ - ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾:
كلمة (لَعَلَّ) تستعمل لغة في إِشفاق المتكلم، ولما استحال الذي حقه سبحانه، وجهوه إلى المخاطب، ولما كان غير واقع من النبي - ﷺ - أيضًا، قالوا: المراد الأَمْرُ به، لدلالة الإِنكار المستفاد من سوق الكلام عليه، فكأَنه قيل له: أَشفق على نفسك أَن تقتلها وتهلكها حسرة وكمدًا لاستمرار قومك على الكفر (٢)، وتمسكهم بما ورثُوه عن آبائِهم من الضلال والزيغ والبعد عن الحق، فأَمر هدايتهم ليس لك وإنما مرده إلى الله

(١) سورة الإسراء، الآية: ٨٨
(٢) وقال العسكري: هي في مثل ذلك موضوعة موضع النهي، والمعنى: لا تبخع نفسك، وقيل: وضعت موضع الاستفهام، والتقدير: هل أَنت باخع نفسك.. إلخ - انظر الآلوسى.


الصفحة التالية
Icon