وَلِيدًا} أي: أن تلك الرعاية التي ظفرتُ بها في كنفك هي نعمة ظاهرة لديك وواضحة عندك ولكنها في الحقيقة ليست نعمة، فالسبيل إليها تعبيدك بني إسرائيل، وقصدك إياهم بذبح أبنائهم، فإنه السبب في وقوعي عندك ووجودى في تربيتك.
وقيل: إنه مقدر بهمزة الإنكار، أي: أو تلك نعمة تمنها عليّ، وهي أن عبدت بني إسرائيل، وعلى كلا الوجهين فالمقصود: أن عناية الله - سبحانه - ألقت به إليه وأنه المتسبب في وصوله إلى منزله، وأنه - تبارك وتعالى - سخره للعناية به والقيام على شأنه ومنعه من قتله حتى قالت امرأته: ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾. (١) فالمنة والفضل لله وحده.
﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)﴾
التفسير
٢٣ - ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا (٢) رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾:
بعد أن دعا موسى - عليه السلام - فرعون إلى الإيمان برب العالمين تحقيقًا لأمره تعالى بدعوته: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ بعد أن دعاه مرسى
(٢) ما: استفهامية وغالبا ما تستعمل في غير أولى العلم، وهي هنا في الاستفهام عن رب العالمين، على تأويل: ما شأن رب العالمين، أو أنها بمعنى من، كما في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾: أي ومن بناها.