آية العجز وأمارة الضعف عند مقابلة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، فالمتسلط الجبار عندما يعوزه الدليل وتتأبى عليه الحجة يجنح إلى البطش والتنكيل حفاظًا على هيبته وإبقاءً على مكانته، فقال له: لئن جعلت لك إلهًا سواى، وتماديت في دعواك أنك رسول رب العالمين، لأجعلنك من المسجونين الذين تعرفهم، وتعرف ألوان العذاب التي أُنزِلها بهم.
ولكن موسى - عليه السلام - لم ينقطع أمله في إيمان فرعون فتلطف به وقال ما حكاه الله بقوله:
٣٠ - ﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ﴾:
أي: أتجعلني من المسجونين الذين تعذبهم وتعاملنى معاملتهم ولو جئتك بشيء هائل عظيم موضح لصدق دعوتى، مؤيد لرسالتي؟ فتحداه فرعون بما حكاه الله بقوله:
٣١ - ﴿قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾:
قال فرعون: فَأْت بهذا الشيء إن كنت صادقا في دعواك أنك رسول رب العالمين، وما أظنك إلا كاذبًا فيما تدعيه.
طابت نفس موسى واطمأن إلى نصر الله الذي أعلمه أن عصاه ستصير ثعبانا عظيما.
٣٢ - ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾:
فألقى موسى عصاه ورمى بها إلى الأرض، فإذا هي بقدرة الله ثعبان واضح الحيوانية الثعبانية، لا تمويه فيه ولا تخييل، فليس مما يفعله السحرة.
٣٣ - ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾:
أخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاءُ لها شعاع قوي يبهر الناظرين، فماذا قال فرعون وقد بهرته آية موسى؟ ماذا قال وقد فقد الأمل في الانتصار عليه بحجاجه ومناقشته؟.